التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حياة مكتوبة وذاكرة خالية فصة فصيرة

حياة مكتوبة وذاكرة خالية

حياة مكتوبة قصة قصيرة

الأيام تمر والسنوات تحكي ما مضى لمن يعيشها ويراها لتُؤخذ العبرة ، ولا ينفي ذلك مستصغرات الأمور لأنها عبارة عن أساسيات الحياة وهي المُكوّنة لكلّ كبير من الأمور . ذلك بطلي فراس ، متقلّب الأفكار ، مشتت الذهن ، مجروح العاطفة . قد تكون حياة عادية ، بل أكيد أن حياته عادية بالنسبة له .. فلا يوجد الكثير مما يفكر به أو يفعله .. ولكن في يوم هذا ما حدث معه .
لا أستطيع الرؤية ، فالظلام حالك حولي ، لقد تأخرت عن موعد استيقاظي كالعادة. كما يحدث معي كل يوم وكأنها مشكلة لا أستطيع حلها بعدد المحاولات التي قمت بها والوسائل التي اخترعتها والأفكار التي طبقتها ، قد كُتِبَ علي أن أَتَأَخّر يوميّا . مع أنه لا يوجد شيء أتأخر عليه ولكن لا أحب التّأخّر أو عدم الانضباط . استيقظت وأخذت أجزاءً من الدقائق أفكر ماذا أفعل ، ولكن لا أستفيد من التفكير لأنني كل يوم أقرّر أن أذهب لنفس المكان بعد طول تفكير . غسلت وجهي بالماء البارد وبدلت ملابسي وكان اليوم مميّزاً عندي لأسباب كثيرة ، كنت أريد التأكد من شيء أُثارني منذ فترة . فارتديت على غير العادة القميص الأبيض ذو الأكمام الطويلة وصاحب الزخرفة الذهبية على ظهره وبنطالاً أزرق ليعبر عن بساطة ملبسي  حياة مكتوبة وذاكرة خالية.





أخذت أبحث عن أوراقي وعن دفتري المعشوق من قبلي ذو الغلاف الأخضر وقلمي المهديّ إليّ صاحب الخط ذو اللون الأسود لأَخُطّ به ما يروقني ، أخذت محفظتي وهاتفي ومفتاح السيارة . حياة مكتوبة وذاكرة خالية .
أنتظر صاحب السيارة السوداء أن يخرج من موقفه لأنه موفقي المفضّل فهو يقع مقابل باب المكان الذي أقصده مباشرة ، لم يستطع الخروج بسهولة من موقفه بسبب حجم سيارته وهذا مما أخرّني أكثر على موعدي اليوميّ مع هذا المكان ، ولكن لسبب ما كنت أتمنّى أن أتأخّر أكثر وأكثر لأنني كنت خائفًا من معرفة ما أريده والتفكير به .
أوقفت سيارتي وأخذت أوراقي بيدي وقلمي بجيب بنطالي الأيمن وهاتفي بيدي الأخرى ونزلت من السيارة وأقفلتها . أخذت نفسًا عميقًا لجمال الجو وتمنّيت أنّ المكان الذي أقصده يكون مكشوفًا لأتمتّع بالجوّ ، لكن ليس ما أتمنّاه هو الذي يحدث ، وكأنّ تفكيري وأحداثي موضوعة بغير إرادتي وعكس ما أتمنّاه ، وأفكاري تأتي لي بسرعة وكأنّها مكتوبة سلفًا فقط لأقرأها .


فتحت الباب ودخلت وأنا مبتسم بسبب من يرحّب بي يوميًّا بنفس الجملة ونفس الإبتسامة وهو يعرف ما أريد ، حتى أنني لا أضطرّ إلى أن أذهب إليه وأخبره بما أريد ، فكل يوم هو نفس ما أريده بنفس الترتيب . وقفت بجانب مكاني المفضّل ووضعت دفتري ذو الغلاف الأخضر وأخرجت قلمي من جيبي الأيمن ووضعتهم ثم جلست . انتظرت أن يأتي من رحّب بي بما أريد فأغمضت عينيّ انتظارًا لينبهني بصوته ونبرته الضّعيفة كالمعتاد . كنت ما زلت أحاول التركيز والتفكير في ما أريد معرفته هذا اليوم ، ذهني مشتت وأعرف أن هنالك شيء ما حولي لكن لا أستطيع تمييزه قد يقودني لمعرفة شعوري الغريب . أحب أن ألعب بيدي وكأني اعزف على البيانو كنوع من التسلية وتحريك يدي الاثنتين بسلاسة ولكن قاطع متعتي صوتٌ بنبرة ضعيفة ووضع ما أريده على طاولتي . كنت قد بدأت أفكر ما سبب إعجابي بهذا المكان وزيارتي اليوميّة له لكن قاطع حبل تفكيري الرجل الذي يجلس مقابلي بابتسامته ومع أني لا أرتاح له ولكن ابتسمت لا إراديّا له ، لأنني قد اعتدت رؤيته أمامي يوميًّا .

رجعت إلى ما أحضره لي وكنت قد بدأت أتذوقه . لا أنسى شعور الرشفة الأولى منه ، أحس وكأنني أغسل وجهي بماء فاتر ليتنبه ويتنشط عقلي ، وهذا ما عرف عنه طبّيًّا فهو منشّط عقلي يقوم بالتّأثير على إفراز الهرمونات في الغدّة الصماء في عقلي . انتظرت ثواني ليأخذ مفعوله وأنا مغمض العينين وجلست أحاول أن أفكر في أيّ شيء ولكن يأتي إلى بالي ذلك الرجل الذي يجلس مقابلي ولا أعرف لماذا . عندما ذهب مفعول الرشفة الأولى . جلست أكمل شرب الكابتشينو بشكل إيقاعيّ وفتحت دفتري ومسكت قلمي .


ولكن لم أستطع التركيز فذلك الرجل ينظر إليّ وكأني ممثّل على خشبة المسرح . أربكتني نظراته ولكن قررت ألّا أهتم به فقد يكون يعرفني من طرف ما وأنا لم أتذكره فأغفلت نظري عنه . وأكملت شربي للكابتشينو فهو بنكهتي المفضلة مع البندق . أنهيت منتصف الكأس فَبِعَادَتِي اليوميّة انتقل بعد منتصف الكأس إلى تذوّق معشوقي من الحلويات التشيزكيك بالفراولة ولكنني كنت غير أغلب الناس فلا أحب قطعة الفراولة التي تعتليها فأتركها دائمًا .

عجبت من الشخص الذي بمقابلي فلم يملّ من النظر إليّ وترقّب حركاتي ، وقد لفت انتباهي أن دفتره مثل دفتري ولكن كان أسْمَكَ بكثير وبأضعاف من دفتري وكان قد فُتِح على نهايته ويكتب فيه ثم ينظر إليّ ، أخذتني الحيرة من تصرفاته ولكن علمت أنّني لن أستطيع معرفة ماذا يفعل وماذا يدور في باله عندما يراني بنظراته ، فقرّرت أن أحاول أن لا أهتمّ بوجوده وأكمل شُربي لما بقيَ من الكابتشينو وأحاول أن أرسم في دفتري ما أريد أن أقدّمه اليوم في اجتماعي الرابع مع العميل الذهبي كما يطلقون عليه لأهميّة مشروعه .


لم أستطع التركيز وكنت وقتها أنهيت الكابتشينو بنكهة البندق فلم أجد شيء يشغلني عن نظرات الرجل وكنت أريد أن أطلب كأسا آخر ولكن كنت قد قطعت وعدًا لطبيبي أن لا أزيد عن كأس واحد في اليوم بسبب القرحة فلم أستطع أن أطلب كأسا آخر . قد بَانَ عليّ التّوتّر وأصبحت أحسّ أنّني أفكر وأفعل أشياء لا أريدها وأستغرب منها كحركة يدي ونظري لمن حولي وخرجت بشكل غريب عن طبيعتي الهادئة . فقررت على غير عادتي أن أقف وأذهب إليه .

عندما أغلقت دفتري لفت انتباهي الشخص الذي بمقابلي أنه ابتسم ووضع قلمه وتوقف عن الكتابة وكأنه كان سيعلم أني سأقف وآتي إليه ! ولكن لم يمنعني ذلك من الذهاب إليه . عندما وصلت إلى طاولته ، مشيت بكل هدوء ، ثم نادى اسمي بنبرة واضحة وهادئة وبابتسامته المعتادة وعندها لم أستطع التحدث وجلست أفكر بكل احتمالات معرفة هذا الرجل لي ومن هو . قد أكون لا أتذكر الاسماء لكن لا أنسى الأشكال فهذه وظيفتي كمصمم ورسّام ، الأشكال لعبتي وصنعتي . ولكن يَئِسْتُ أن أتذكّره فألقيت التحية لأجعل الخطوة القادمة له .

ردّ التحية علي ورحّب فيني ودعاني للجلوس . كلّ ما لاحظته عنه هو أنه شاب في الأربعينات ، حليق الذقن ، طوله متوسط ، أعسر ،صاحب ابتسامة جذابة ، يرتدي الدبلة في يده اليسرى، يملك ولاعة على الطاولة مما دعاني إلى الاعتقاد أنه مدخّن . فما كان مني إلا أن أُجيب دعوته وأجلس واصْطَنِعَ الإبتسامة . أخبرني عن اسمه وهو فراس فاستغربت تشابه الأسماء وتصادفها مع هذه الأحداث وهل تشابه الاسم سيساعدني على فهم ما يجري قصص قصيرة !


فشدني في دفتره أنه كتب في الصفحة الأخيرة وقد كتب كلمة "انتهى" بخط جميل وكبير أعجبني . أمعنت النظر فيما كتب فرأيت شيئا جعلني أنشغل عن كلامه ، قرأت هذا المقطع "كان فراس ينظر باستغراب إلى الشخص المقابل ولا يعرف فيما يفكر وماذا يحدث لجسمه وعقله وهدوء شخصيته المعتاد ، وقد كان على غير العادة يفكر بالوقوف والذهاب إلى الشخص المقابل ليتحدث معاه" ..!
أول ما تبادر إلى ذهن فراس أن هذا الرجل يستخف بعقله ويسجل حركاته لمجرد المزاح أو شيء من هذا القبيل . ولكن الشخص المقابل لطاولته قد لاحظ أن فراس قرأ جزء من كتاباته ولكن ما زال مبتسم فأخبره الشخص المدعي أنه هو لا شيء وهو مجرد شخصية خيالية من كتاباته ، فضحك فراس ضحكة مجاملة استخفاف بعقليّة هذا الشخص المدعي واستأذن منه بالرحيل ولكن استوقفه وقال له "هل لديك صديق طفولة ؟" ، فأجاب فراس بشكل تلقائي بالموافقة ، فأجاب عليه بسؤال "من هو ؟" ، هنا استوقفه السؤال ولم يستطع الإجابة ولم يفهم مغزى السؤال ، فأخبره الشخص المدعي أنه هو عبارة عن شخصية من شخصيّات روايته الأخيرة ولكنها لم تنجح فهو لم يعد يهتمّ بالرواية وانهاها كما هي ، ولكن لم يصدق فراس القصّة ..

فأخذ فراس الولّاعة ودفتر الرجل وأحرق الدفتر من دون موافقة صاحبه فقط ليثبت للرجل غباءه المنطقيّ ، ولكن والدفتر يحترق لاحظ فراس أن أجزاء من ذكرياته تختفي بسرعة وكأنه يعيش في وسط مجهول وتفكير مشوش وما هي إلا ثواني وقد أدرك أنّ هنالك شيء خاطئ يحدث له ، حتى أصبح يحس وكأنه سيغمى عليه ،عندها أدرك أن الدّفتر أصبح بالكامل محترقًا وأنه هو سبب وجوده الخياليّ في عالم الكاتب ولكن بعد فوات الأوان.. وما كان لفراس إلا أن يقف من دون مشاعر ليختفي تدريجيّا مع دفتره الأخضر الذي كُتِبَت به قصّته الخيالية . لتُسَطِّرَ كلمة انتهى ، المعنى الحقيقي لمغزى وجوده كشخصيّة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة مغربية قصيرة بالدارجة المغربية

قصة مغربية قصيرة بالدارجة المغربية قصة مغربية قصيرة بالدارجة المغربية قصة مغربية قصيرة بالدارجة المغربية : الفتاة طولا كان يا ما كان, كان في قرية بعيدة فتاة تدعى ((طولا)), تعيش مع أمها و أخيها الصغير, وكان لها شعر طويل جدا تجعل منه ضفائر جميلة, تحيطها حول خصرها على شكل حزام عريض أسود. وكان لطولا صوت رخيم عندما تغني, تجتمع طيور الغابة و تحط بالجوار لتستمع الى شدوها الرائع, بينما تنام جميع حيوانات الغابة حين تعزف أنغاما رقيقة بمزمارها الصغير.

قصة للاطفال تعزز التفكير الناقد

قصة للاطفال تعزز التفكير الناقد قصة للاطفال تعزز التفكير الناقد انتظر الأخوة الثلاثة خالتهم القادمة من السفر وقتاً طويلاً جداً ليسلموا عليها وتفرح بهم، وليتسلموا أيضاً الهدايا التي اعتادت أن تأتي اليهم بها، وكيف لا ينتظرون مهما تقدم الليل والخالة (مريم) طالت غيبتها هذه المرة في تلك البلاد البعيدة السعيدة؟ لا شك أن الهدايا أكثر وأثمن لاسيما أنها كتبت لهم أنها وزوجها قد وفقا في أعمال تدر كثيراً من المال.‏ قال (طارق) وهو أصغر الثلاثة:‏ للمزيد اضغط هنا قصص قصيرة - أشعر بنعاس شديد، ولم أعد أستطيع الانتظار... سأقوم إلى النوم.‏ قالت الأم:‏ - ستأسف خالتك لعدم رؤيتك... لابأس....ستراها فيما بعد.‏ قال (نجيب) الأخ الأوسط:‏ - وستستلم هديتك أيضاً فيما بعد... أم تريد أن نستلمها نحن بدلاً عنك؟‏ ضحكت الأم وقالت:‏ - لا أحد يأخذ دور أحد... ولا حصته أيضاً. أليس كذلك يا أحمد؟‏ : قصة للاطفال تعزز التفكير الناقد

قصص واقعية ليلة الدخلة

قصص واقعية ليلة الدخلة هذه بعض القصص الواقعية ..الطريفة ..والتي حدثت لابطال القصة .. قبل ليلة زواجهم .. القصة الاولى من قصص واقعية بليلة الدخلة @ فتاة قد تعودت هي وأخوتها إذا مـر أحدهم بجانب الثاني مـد رجله ليسقطه على الأرض ،،، فلما تزوجت وفي -الأسبوع الأول - من الزواج وحين نهض الزوج من وجبة الغداء لغسل يديه مــدت الفتاة رجلها - كالعادة - فسقط الزوج وكسرت ذراعــه .....واما الفتاة من شدة خجلـها من الموقف ذهبت لأهلهـا !!!!! @ عاده سيئة ..والنتيجة ..كانت اسوأ القصة الثانية من قصص واقعية بليلة الدخلة @ واحد تزوج على زوجته ( ومن الحرة اللي فيها )... جت في ليلة عرسة خذت ثيابه اللي بيلبسها ومسحت عليها قشر برشوم " والبرشوم فاكهه لها أشواك رهيبة و ياشيخ البرشومي ولا سحر الله يستر ! @ فيه وحده تقول في اول ايام زواجي طلب مني زوجي ان افتح له علبة بيبسي .... قمت وفتحت العلبة قدام وجهه و.. يا للهول طاااااااش البيبسي على وجه وملابسه والجدار .. وانا مع خوفي جتني حاله هستيرية من الضحك وأنا أشوف هالموقف .. @ تبي تكحلها عمتها ...... @ فيه وحده تخجل مرة مرة .. قصص قصيرة   ولما تزوجت